الخميس، 19 نوفمبر 2015

قصتي مع طابع بريد (الحلقة الاولى)




فقدته وقيمته ألفين وعاد لي وقيمته 12 ألف جنيه استرليني
بقلم/ هشام عبد السلام موسى
تعتبر هواية جمع الطوابع من أكثر وأقدم الهويات الخاصة شعبية، ولا يعد الشغف بهذه الهواية لمجرد التسلية وشغل وقت الفراغ؛ بل هي هواية لها قواعدها العلمية التي تجذب الناس إليها علي اختلاف طبقاتهم، وتعود على مقتنيها بأرباح وفيرة فكلما قدم الطابع وندر زادت قيمته، ويشهد العالم من وقت لآخر مزادات تقام خصيصا لطوابع بريدية تباع بقيم وأرقام تتجاوز ملايين الدولارات في بعض الأحيان.


وقصتي مع الطابع الذي يظهر في الصورة تبدأ عام 1981م حيث شاركت آنذاك ممثلا لمصر في أحد المخيمات الدولية في ألمانيا الغربية آنذاك، وخلال أنشطة المخيم كان هناك معرض لتبادل طوابع البريد بين الهواة من الكشافين والقيادات، وقام أحد القيادات الكشفية الألمانية بطلب تبادل معي، وطلب تحديدا أحد الطوابع من بين مجموعتي، وهو طابع بريد تذكاري صدر عام 1956م بمناسبة المخيم الكشفي العربي الثاني بأبي قير بالاسكندرية.
وهذا الطابع هو سلسلة من ثلاث طوابع بألوان مختلفة ويحمل كل واحد منها صورة شعار الكشافة الجوية المصرية والكشافة البحرية المصرية وفتيان الكشافة المصرية، وطلب مني هذا الهاوي إحداها مقابل مئة طابع يقدمها لي بالمقابل، فقبلت التبادل، وكنت أعتقد أن لدي بديل عن ذلك الطابع مكررا لازلت أحتفظ به ضمن مجموعتي، ولكن للأسف بعد عودتي لبلدي فوجئت أن الطابع الذي بادلته ليس لدي عنه بديل، وأن المكرر الذي أحتفظ به من الطابعين الأخريين في المجموعة، فحزنت حزنا شديدا لأني قد فقدت تسلسل مجموعتي.
وزاد من حزني بعد عام من تلك الواقعة، أي عام 1982م أن قرأت في صحيفة الأهرام المصرية تحقيقا عن الطوابع المصرية يشار فيه إلى أن هذه المجموعة من الطوابع تحديدا هي من أغلى الطوابع المصرية؛ حيث تصل قيمتها وقتها إلى ما يزيد عن ألفي جنيه استرليني، وحاولت جاهدا لسنوات أن أحصل على طابع بديل لأكمل مجموعتي دون طائل.
وفي عام 2000م أي بعد ما يقرب من عشرين عاما من تلك الحادثة، كنت في زيارة إلى سوريا لتقديم واجب العزاء في وفاة قائدنا وأحد الرواد المؤسسين للكشافة العربية المرحوم علي الدندشي، وكنت قد دأبت على زيارته سنويا في أعوام حياته الأخيرة، وقد اصطحبت معي فيلما وثائقيا قمت بإنتاجه عن حياته رحمه الله لأقدمه لأسرته، وعند انصرافي قدموا لي ظرفا مغلقا قالوا لي لقد طلب منا –رحمه الله- قبل وفاته أن نعطيك هذا الظرف عندما تحضر، ولا نعلم ماذا فيه، فهو كما تركه، كنت أوادعهم على الباب فوضعت الظرف في حقيبتي متوجها للمطار.
بعد أن وصلت فتحت الظرف لأجد فيه، منديله الكشفي بعقدته العاجية التي كان يلبسها دائما، ووجدت ألبوما من الطوابع في أغلبها طوابع كشفية في مناسبات متعددة، وكانت المفاجأة أن من بينها بطاقة إصدار اليوم الأول للطابع الذي فقدته منذ عشرين عاما، وكم كانت دموع فرحتي شديدة بهذا الطابع، فرحم الله علي الدندشي، وظللت من وقت لآخر أتابع هذا الطابع والارتفاع المستمر في قيمته.
وفي عام 2007م عندما كنت مشاركا في المخيم الكشفي العالمي ال21 بإنجلترا، زرت بورصة الطوابع في لندن وعلمت أن قيمة بطاقة الطابع إصدار اليوم الأول تصل الآن لما يقرب من اثنا عشر ألف جنيه استرليني، ويرجع السبب في ارتفاع قيمة هذا الطابع، إلى أن له خاصية الندرة من عدة جوانب، أوضحها في النقاط التالية:
• أنه أول طابع بريد يصدر عن الكشافة في الوطن العربي، بمناسبة انعقاد المخيم الكشفي العربي الثاني الذي استضافته مصر عام 1956م بأبي قير بالأسكندرية، وافتتحه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
• الكمية التي طبعت منه لم تتجاوز (5000 طابع).
• النقطة الأهم أن به خاصية لم توجد في أي طابع بريد في العالم، وهي أن له قيمة نقدية بريدية وقت إصداره مضافا لها قيمة نقدية أخرى، حيث أن قائد هذا المخيم العربي وهو استاذنا المرحوم القائد عزيز بكير طلب من هيئة البريد أن يضاف قيمة قرش لكل طابع من الثلاثة تدخل كدعم للكشافة، فتحصل هيئة البريد على قيمة الطابع وتحصل الكشافة على القيمة المضافة كدعم لها، وهذا مسجل على كل طابع من الطوابع الثلاثة، مما يجعل هذه المجموعة من الطوابع من الطوابع ذات الندرة في العالم، لأن هذه الخاصية لا توجد في أي طابع آخر في العالم سواها إن لم يخطئني التقدير والبحث.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق