الخميس، 19 نوفمبر 2015

الكشفية حركة تربوية اجتماعية


بقلم زهير شيخ تراب
تعمل الحركة التربوية الكشفية , على الاهتمام بالشباب في أهم مرحلة سنية وأحرجها. ذلك أن مرحلة المراهقة هي مرحلة بناء الشخصية المستقلة . والتي بحاجة إلى مساعدة غير مباشرة . وتدخل سلس لا يشكل ردود فعل عكسية تنفر المراهق . حيث أن المباشرة في التوجيه , تجعل من المراهق إنساناً مشاكساً رافضاً لأفكار الغير متشبثا بآرائه وأفكاره .

وقد وضعت أسس ومبادئ الحركة الكشفية , للوصول الهدف السامي ألا وهو الشباب :
هدف الحركة الكشفية :
بالتعريف : [ مساعدة الشباب في تنمية طاقاتهم , البدنية , والعقلية , والعاطفية , والاجتماعية , والروحية ]
والفئة المعنية بالموضوع هي فئة الشباب . والغاية هي التطوير وتنمية القدرات والطاقات والامكانات في المناحي الحياتية الواسعة . بشكل متوازن :
ـ على الصعيد البدني :
تهيئ الكشفية النشاطات الحركية والتربية الرياضية والمهارات الجسمية من خلال البرامج الخلوية المتعددة . والرحلات , وإقامة المباريات الرياضية وإنشاء الفرق , وتأمين المدربين المحترفين , وتأمين متطلبات التدريب واللعب .
ـ وعلى الصعيد العقلي :
تقدم الكشفية المعارف العلمية والثقافية وتوسع مداركهم من خلال تأمين وسائل المعرفة المحببة من كتب ومجلات ومحاضرات وتجارب علمية وزيارات علمية وريادة المكتبات , وإشراكهم في المناقشات والحوارات والبحوث , وتكليفهم بمشاريع ثقافية وعلمية مبرمجة .
ـ وعلى الصعيد العاطفي : تتولى القيادات الكشفية متابعة التطورات النفسية والعاطفية للشبان وتتعرف على مشاكلهم ومعاناتهم وتساعدهم في وضع الحلول وتلبية الرغبات من خلال حياة اجتماعية أسرية تجعل من الكشافين أصدقاء وإخوانأ وتؤلف بينهم لملء الفراغ العاطفي إن وجد .
وأضرب مثالاً على الفراغ العاطفي فقدان الحنان أو فقدان الاهتمام , أو فقدان الحياة الأسرية حين ينشغل الأهل عن أولادهم وعدم الالتفات لمشاكلهم , ويلعب القائد الصديق دوراً جيداً في تلبية هذه الحاجة .
وعلى الصعيد الاجتماعي :
ففي الحياة الكشفية حياة اجتماعية جيدة تكوّن الصداقات وتفتح مجالاً واسعاً للانطلاق . وذلك من خلال الاجتماعات والرحلات والمخيمات . وتساعد على الشجاعة والجرأة والثقة بالنفس وتحمل المسؤولية .
ـ وعلى الصعيد الروحي :
تضع الكشفية البرامج التوجيهية والإرشادية . التي تنمي الارتباط بالخالق . وتنمي حس التفكّر . وتعرف الكشاف بالواجب نحو الله . وتعزز الانتماء إلى العقيدة الربانية , وتكسب الفتى القيم السامية والأخلاق الحميدة , وتنمي الوازع الأخلاقي من خلال مراقبة الذات . والصدق والإخلاص . وتلعب القصص التوجيهية والمشاهد التمثيلية دوراً كبيراً في هذا المجال .
ونخلص من ذلك إلى أن العمل الكشفي هو صناعة متكاملة للجيل , وتنمية مستدامة لأعضاء الأسرة الإنسانية في المجتمع الواحد للوصول إلى العالم الأفضل الذي يسوده الإخاء والتسامح .

مبادئ الحركة الكشفية :
تختصر الحركة الكشفية في ثلاث كلمات هي المبادئ التي تقوم عليها في جميع أنشطتها وتوجهاتها :
الواجب : نحو الله ـ نحو الذات ـ نحو الآخرين .
الواجب نحو الله :
وهو الالتزام بالأوامر والامتناع عن النواهي التي حددها الله تعالى في شرائعه السماوية . والإقرار بالعبودية لله تعالى , الواحد والإخلاص في ذلك والقيام بالواجبات والفروض التي حددها .
والاعتراف بأن الإنسان مخلوق ضعيف لا يقوى إلا بإيمانه ولا يستقوي إلا بالله ولا يقدر على شيء إلا ما قدر عليه من الله تعالى .
إن من شأن هذه المعرفة أن تترك في النفس الراحة والطمأنينة . وتجعل الشخص متوازناً بين الأفكار والممارسات . ويضع لحياته هدفاً يسعى إليه , ومعنى يستفيد منه , ومكانة مرموقة بين أفراد مجتمعه .
الواجب نحو الذات :
( إن لنفسك عليك حقا ) فما هو هذا الحق الذي على الإنسان أن يسعى إليه ليحقق ذاته ؟
أي المحافظة على الذات واجب ومسؤولية يسأل عنها الإنسان فيما يسأل عنه يوم القيامة : فيسأل عن جسمه فيما أبلاه . وعن عمره فيما أفناه ؟ إذن : فإن العمل لصون الذات واجب . وعلى الإنسان أن يرعى نفسه بالتطوير والتقدم والحماية . ويبعدها عن الوقوع في المهالك , ويصون جسمه من الأذى ويتجنب المضرات ويعتني بصحته ويحافظ على حياته . والابتعاد عن كل ما يسيء إلى الإنسان في شخصه وروحه وجسمه وسمعته ويسعى إلى تكوين شخصية مرموقة ذات قدرات عالية ومهارات متميزة لينال رضا الخالق عز وجل ورضا الأهل والمجتمع .
الواجب نحو الآخرين :
الإنسان عضو في المجتمع يدخل في تكوينه وما المجتمع إلا عناصر تجمعها البيئة الاجتماعية والمحيط الحيوي . والإنسان بطبعه اجتماعي بالفطرة . يأخذ من مجتمعه حقوقاً مفروضة وعليه واجبات تجاه هذا المجتمع .
ومن هنا فإن الإنسان مكلف بتقديم العون والمساعدة لأفراد مجتمعه بدء من الأسرة الصغيرة إلى المجتمع الأكبر في الحي والمدرسة والمدينة والوطن الكبير . فيكون نافعاً لمجتمعه . مساهما في تنميته , وتطويره , محافظاً على ممتلكاته . مشاركا في بنائه ورفعته . مدافعاً عن استقلاله , والمجال لخدمة المجتمع كبير جداً ومفتوح على كل المستويات من إماطة الأذى عن الطريق إلى الوقوف جندياً على سياج الوطن فليختر الإنسان لنفسه موقعا وليد نفسه ليكون اللبنة القوية , والمعول الباني , والفرد النافع . هذا ما تعلمه الكشفية لأبنائها .
أما التحديات التي تواجه هذا الأثر فهي كثيرة :
إن الأثر الإعلامي الذي يقوم به الغرب المعادي لقيمنا ومبادئنا يلعب دوراً كبيراً في تغيير الأخلاقيات والسلوكيات للشباب . وما أكثر الوسائل التي يتبعها لهذه الغاية .
فمن الموضات والصرعات . ومن ترويج الأفكار التشكيكية , وبث روح الإحباط والشعور بالتبعية , فرض روح الانهزامية . والشعور بالدونية . وكل الوسائل التي يؤدي إلى السيطرة على فكر الشباب بالبهرجة وتجميل السيئ . لاستلاب العقول . والسيطرة عليها . وخاصة من خلال الغرائز والرغبات واستغلالها بشكل بشع .
ومن خلال المحطات الفضائية تبث الأفكار المسمومة لإفساد الشباب . وإبعادهم عن الانتماء الأصلي لمجتمعهم القائم على القيم الروحية والأخلاقية والوطنية والقومية .
وإن سبل اللهو التي يقدمها الغرب عن طريق الأغاني والموسيقى والأفلام والمجلات والإعلانات الهابطة كفيلة بإبعاد الشباب عن التوجه إلى المنظمات التربوية والانضباطية الهادفة إلى حمايتهم من هذه السموم . وتحصنهم من هذه الحرب التي تستهدف جيل الشباب أولاً . والوطن عامة .
وإن المغريات التي يقدمها المغرضون أكبر بكثير مما يجذب الفتى نحو الكشفية . وكم هو معروف فإن البناء يحتاج إلى جهد كبير بينما الهدم فلا حاجة به لذاك الجهد.
ووسائل المعرفة الحديثة من شبكة الانترنت سلاح ذو حدين يمكن أن يوظف لجميع الغايات السامية منها والدنيئة . وهي قادرة على الجذب وتستهوي الفئة العمرية الصغيرة لأنها سهلة الانقياد .
ولا يخفى على المربي أن انتشار الآفات الاجتماعية , من تعاطي المخدرات , والأمراض السارية المنقولة عن طريقها . وما يقدمه رفاق السوء هي من أهم العوامل التي تتعارض مع المبادئ السامية التي تتوجه إليها الكشفية .
أضف إلى ذلك ظاهرة التطرف والعنف التي تسود في المجتمعات بشكل واضح على اختلاف مستوياتها .
وظاهرة التفكك الأسري , وتشرد الأطفال , والعزوف عن التعلم . إلى اللهو المبتذل يدفع بالشباب إلى التهور والوقوع بين براثن الأشرار والانحراف نحو الجريمة .
فما أصعب المواجهة في ظل التحديات الخطيرة التي تواجه الشباب في مجتمعاتنا , وما أصعب البناء حين يقل البناؤون ويكثر الهدامون .
======================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق